بسم الله الرحمن الرحيم
،
،،
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله **** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
قبل الكلام ..
يقال عند العرب زقزقة العصافير وتغريد البلابل وغناء الطيور وهديل الحمام وصياح الديوك وطنين البعوض ورغاء الإبل ومواء القطط وعواء الذئب ونقيق الضفادع ونعيق الغراب ونهيق الحمار وفحيح الأفعى ونباح الكلب وصهيل الخيل وزئير الأسد ... الخ
ولعل ذلك مشاهد معلوم وملموس ذلك أن الاختلاف بين المخلوقات أمر مسلم به وحتى على مستوى الجنس الواحد فهناك اختلاف في الأشكال ودرجات الصوت والحجم وأماكن السكن فللأسد عرين مثلا وللأرنب جحر وللنمل قرية وللثور مراح وللعنكبوت شباك وللفيل أجمة وللنسر عش وللدجاج قن وما إلى ذلك هذا من ناحية المظهر الخارجي وما خفي كان أعظم ..
هذه الاختلافات وذلك التباين تنطبق على الإنسان أيضا بل هي في الإنسان أظهر من نواحي عدة فبصمات الأصابع واللون والشكل والطول والحجم وبصمة العين وما إلى ذلك كلها مما يوضح الفروق بين الناس ..
لا علينا فكل ذلك ليس موضوعا لنا إنما ..
يختلف الناس ويتباينون فيما بينهم في الهمم ، فمنهم من يعيش معنا بجسده ولكن همته تطوف حول العرش يقول بن الجوزي إن لم تخني الذاكرة لو أن النبوة منزلة تنال بالعمل لكان الرضا بالخلافة من دنو الهمة وفي الحديث ( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسطها – أراه – فوقه عرش الرحمن ) ومن الناس من تتمرغ همته في الوحل فلا تتجاوز بطنه وفرجه يعيش لذاته لا هم يحمله إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط ..
في الناس من يحمل الأعباء مرتفعا **** بنفسه عن أمانيها الدنيئات
وفيهم المرتمي في حضن رغبته **** فما يجيد سوى جر العباءات
أيها الأحبة
التأريخ لا يعيد كتابته والتأثير فيه إلا الأقوياء أصحاب الهمم العالية الذين لا يخشون الظلام ولا يقعدهم واقع مذل أو صحبة سيئة ، أولئك يرفع الله ذكرهم في الأنام تبسط لهم السير ويتحدث عنهم الناس ويتدارسون أفعالهم وأقوالهم يسير الناس على وقع خطاهم أمثالهم في الناس نادر وحبهم في قلوب الناس ظاهر هم قادة الأمم وسراة الناس بهم ترفع رايات العز وتعلو أعلام الحق ..
بيض الوجوه نقية حجزاتهم **** شم الأنوف من الطراز الأول
هينون لينون أيسار بنو يسر ***** سود هماليل حفاظون للجار
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم ***** مثل النجوم التي يسري بها الساري
وشتان بين أولئك وبين النفعيين الذين يعيشون لمصالحهم لا مبدأ يلتزمون به و لا قيم تمعنهم ولا مروءة تحفظهم يساومون على هموم أمتهم وقضاياها يبيعون الأدنى بالذي هو خير ..
وحتى على مستوى أقل من ذلك بقليل هنالك من يعيش هم مجتمعه يحس بمشاكلهم يتفاعل معها يؤلمه بكاء اليتيم ودمعة المحروم ومد يد المسكين ويكاد يخنقه ظلم القوي وجور القادر وتعسف المسئول ..
إذا بكى الطفل من يتم رأيت دمي ***** يغلي وماتت على ثغري ابتساماتي
وإن نأت بحبيب عن أحبته دار ٌ ***** تمثلت هذا البعد في ذاتي
وهنالك من يسهم في هدم القيم وتشييد بناء الباطل وأخذ حقوق الناس وأكل أموالهم بالباطل يخون دينه وأمانته وأمته مقابل ثمن بخس دراهم معدودة يقبل الرشوة ويقدم الواسطة ويعطل مصالح الخلق ولا يتوانى لحظة واحدة عن أكل الحرام ..
هنا لا أدري أيحق لي أن أقول قل لي ما الهم الذي تحمله وتعمل من أجله أقل لك من أنت
وفق الله الجميع لطاعته والله من وراء القصد
